ما المانع من أن ينشأ في العالم العربي منظومة قيم إنسانية تتلاقى مع القيم التي تدعو إلى أنسنة الإنسان في الإسلام والمسيحية والأديان المتنوعة الأخرى في إطار دول ديمقراطية عادلة تكفل الحرية للجميع ؟
إذا أردنا أن تخفف من التحديات المعاصرة التي تكبل الإنسان في العالم العربي، ينبغي لنا أن نعمل على توفير حد أدنى من التفاهم الأخلاقي والديني في خدمة الشأن العام، إذ من دونه لا يمكن الحديث عن استمرارية سياسية، بل سنبقى أسرى الاستبداد وعُرضة للفوضى والغوغائية، ممّا يحول دون بناء دولة عصرية ديمقراطية تحمل تطلعات الإنسان وطموحاته.
نأمل أن يكون هذا الكتاب سبيلا إلى التلاقي والتضامن بين مواطني ومواطنات العالم العربي على اختلافاتهم، ذلك أن الخطوة الأولى الفاعلة نحو قيام دول حديثة وديمقراطية، تستلهم قيمها من الأديان والمنظومات الأخلاقية التي تدعو إلى احترام الإنسان، تكمن في تعزيز الشعور بالمواطنة الحاضنة للتنوع التي تسهم في تكريس التعدّديّة الثقافية والدينية كقيمة راسخة في بنية المجتمع المعاصر.